اعمدة ورأي

محمد عبدالله يعقوب يكتب.. سفر القوافي .. سماية الشجعان وعزومة الكاهن البرهان !!ِ

محمد عبدالله يعقوب يكتب.. سفر القوافي .. سماية الشجعان وعزومة الكاهن البرهان !!ِ

محمد عبدالله يعقوب يكتب.. سفر القوافي .. سماية الشجعان وعزومة الكاهن البرهان !!ِ
لا أدري ماذا حل بأهل السودان ، فقد أصبحوا جميعهم بين ليلة وضحاها يحبون اللحوم حباً جماً، فقد قال لي أحد جيراني القدامى بأم درمان إنه في الاشهر الأخيرة قبيل حرب آل دقلو على جميع أهل السودان ، قال لي أنه استقبل مولوداً جديداً بعد ثلاثة بنات وكانت فرحته عارمة ، وتجهز ليقيم لهذا ( الضكر) عقيقة لا ككل السمايات المتعارف عليها في تاريخ المواليد الجدد ، كما أن أهله وعشيرته فرحوا لفرحه وابتهجوا لبهجته وكل منهم ناوله شيئاً من المال حتى تصبح ( الطقة ) مدنكلة وتكف عين العدو والصديق ، وأردف جاري القديم قائلاً : لقد ابتعت ثلاثة من الخراف (المدوعلة فتيحابياً) ومعلوم أن أهل الفتيحاب من الجموعية الأفذاذ هم ( أفهم أهل السودان في اللحم ) مع وكميات مقدرة من البهارات والتجهيزت والخضارات والبارد رغم برودة الطقس وجاء اليوم الموعود الذي سبقته الدعوات للأهل والأصدقاء والأقارب ، ثم صمت برهة واضاف : ولكنني في تلك الجمعة وبعد الصلاة مباشرة استقبلت أكثر من مائتي شخص داخل خيمتي المتواضعة لا أعرف منهم سوى عشرة أشخاص فقط ، وطلبت من الطباخين الاثنين البدء في توزيع الغداء وشددت على المشرفين الاثنين بأن كل عشرة من ( الاكيلة) في سفرة واستمر توافد الناس وبعد ساعة قال لي أحد الطباخين : يا مولانا باقي ثلاثة سفر فقط .. ثم وجم محدثي لحظة وقال : لحظتها أحسست أن الدنيا أصبحت أضيق من ثقب إبرة ، بل أرق من ( إبر البرهان التي جهجه بها الجنجويد ) فإن ( نسابتي) بأجمعهم لم يحضروا بعد وكل زملائي في العمل أيضاً وكذلك أكثر من عشرين صديقاً من ذوي الالسن الطويلة وانت منهم ، لم تحضروا بعد ، ففكرت لبرهة وركبت مع قريبي وقلت له هيا الى قندهار قبل أن تصبح لهيبا من نار، وهناك دفعت أربعمائة مليون ونصف من الجنيهات وحملت اللحم المشوي في حلة كبيرة من ذوات ( الاربعة اضنين) وعرجت على مطعم طرفي واخذت منه ملاح الرجلة والخضارات والفاصوليا ( بمواعينها) نقداً ومن ثم على احد المخابز الذي خرجت منه بعدد من الطاولات محملة داخل جوالات دقيق فارغة ولحظة وصولي المنزل وبعد انزالي للسماية الجديدة حضر من كنت اخاف حضورهم وأنا خالي الوفاض ، فعملوا في شية قندهار والسلطات – بفتح السين واللام والطاء – فعل النار في الهشيم وقالوا ونحن نحتسي القهوة بعد الأكل والله يا فلان ( السمايات) يا كده يا بلاش ووالله ولدك لازم تسميهو حاتم عديل كده فقلت لهم لقد اسميته بإسم والدي فقالوا لي وهم يودعونني : والله غايتو نحنا سمينا حاتم الأم درماني على وزن حاتم الطائي .
وأضاف محدثي متحسراً : عند حلول الظلام وجدت فرصة للإنفراد بالمدام ( النفساء) وحكيت لها ما مر بي من مقالب فقالت لي : ( والله أخوي عمر عجبتوا جية الولد قام عزم أصحابو وأصحاب اصحابو وحيران زاوية ال … كلهم ومعاهم الناس المسافرين وما لقوا بصات وعليك الله الصيوان ماتفكوا قال لي أكلمك في ناس حيبيتوا الليلة فيهو وبكرة فجر بركبوا البصات من السوق الشعبي وعليك الله اشتري قدرة الفول من بتاع الدكان من هسي وجيب عشرين رطل لبن عشان نكرمن الصباح ). قال لي صديقي : والله العظيم في تلاتة بنات الامور ماشة كويس ، لكن الله جاب لي الارهابي ده عشان ابقى على الحديدة وده الحصل ومن ديك ولي هسة ولي بكرة أنا مفلس ثم ختم بقوله ( ملعون ابو الفشخرة الكضابة ) .
وطرفة أخرى تاريخية ، حين سألت الموسيقار العقيد شرطة محمد الحسن السنجك أول عازف ساكسفون في اوركسترا الإذاعة عن المطربين والملحنين الذين كانوا مولعين بالطعام ؟ فقال لي :هما الفنان عبد العزيز محمد داؤود رحمه الله والموسيقار برعي محمد دفع الله. فقلت له ماهي حكاية خروف عبد العزيز داؤود الذي أكله وحده؟ فقال ضاحكاً : حقيقة الراحل أبو داؤود حكى لي بأن قصة الخروف ملفقة تماماً ، وأن الموسيقار برعي هو من قام بها وقال بالنص (الخروف أكلو برعي لكن أنا شلت سمعتو)، ففي حي الموردة جوار سوق السمك الآن ، كان هناك حفل عرس ومن المفترض أن يحييه أبوداؤود ولكنه أتى وكل من بالعرس كانوا في ( السيرة ) – وهي عادة أم درمانية انقرضت الآن بسبب تباعد المسافات بين البيوت ، فقد كانت أم درمان محدودة جدا والتصاهر يتم بين الجيران ولكن النساء كن يعشقن التجوال بالبص الذي يأتي به العريس ليزرن قبة المهدي أو الشيخ قريب الله أو السلخانة ومن ثم البحر – النيل – وأماكن أخرى وهن يرددن خلف السائق ( سواقنا زينة وحلف ما يدلينا ) ويختمن الأهزوجة أمام بيت العرس بـ( دورينا البلد ده واحرق الجاولين والبابور جاز ) .
نعود للموسيقار السنجك الذ أردف قائلا : فدخل ابوداؤود وبرعي خيمة الطباخ ووجدا ( صاجاً ) مليئاً باللحم المحمر وأخذا (ينقرشان في هدوء تام ) وعندما أتت المرأة التي تقوم بغرف الطعام صاحت الغرافة (سجمي انتو قسمتو العشا ولا شنو؟ )، فانسحب أبوداؤود وصاحبه في هدوء وعادا بعد أن عادت السيرة وكأن شيئاً لم يكن ولكن (نصف اللحم المحمر راح نقرشة وهو لحم خروفين تماماً) .
خروج أخير
نحن أيضا نسأل الله أن ينعم علينا بصيجان مليئة باللحم المحمر ( ذلكم اللذيذ خالص ) بعد أن ينتصر الجيش السوداني القوي وجهاز المخابرات والقوات المشتركة والإحتياطي المركز – أببوطيرة – وجموع المستنفرين في حرب الكرامة ويصبح السودان خاليا من الكرونة أقصد ( الجنجويد ) حينها سنطلب من الكاهن البرهان أن يعد وليمة كبيرة ( من اللحم الخالص ) لرابطة الصحفيين والإعلاميين بولاية الخرطوم لأنهم لم يبارحوها الى أي مكان وصمدوا لدعم القوات المسلحة بقيادة الوالي الهمام أحمد عثمان حمزة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى