اعمدة ورأي

أيمن محجوب عبد الله محمد يكتب.. بتتعلّم من الأيام”: رحلة القلب بين الهوى ومرارة الفِطام

أيمن محجوب عبد الله محمد يكتب.. بتتعلّم من الأيام": رحلة القلب بين الهوى ومرارة الفِطام


د.أيمن محجوب عبد الله محمد يكتب.. بتتعلّم من الأيام”: رحلة القلب بين الهوى ومرارة الفِطام

ليست الأغنية مجرد كلمات تُغنّى، بل هي مذكّرةٌ إنسانيّةٌ تُدوّنها الأيامُ بأحرف من نورٍ وألم. “بتتعلّم من الأيام” للشاعر إسحاق الحلنقي بصوت محمد الأمين، ليست مجرد لحنٍ عابر، بل هي مرآةٌ تعكسُ حكمةَ الزمنِ القاسي، وتُعلّمنا أنَّ الدروسَ الأكثر قسوةً هي تلك التي لا نَفهمها إلّا بعد فوات الأوان.
الهوى.. متى نعرفه حقّ المعرفة؟
“مَتين عرف الهوى قلبك؟ مَتين صابك بآهاته؟”.. يسأل الشاعرُ سؤالاً يُقلق كلّ من أمسك بيد الحبّ ذات يوم. فالهوى لا يُعلن عن نفسه منذ اللحظة الأولى، بل يتسلّل كالنسيم، ثمّ يتحوّل إلى إعصارٍ يقلبُ حياتنا رأسًا على عقب. نكتشفُ أننا وقعنا في شباكه فقط عندما نجد أنفسنا نحصي “ساعاته الطويلة” بلا نوم، ونحملُ آهاتٍ لا يعرفها سوى القمر.
اللقاء الذي يحمل في طياته تهديد الفراق
“أقابلك وكلي حنية، وأخاف من نظرتك ليّا”… إنه الخوفُ الذي يولدُ من رحم الشوق، خوفُ العاشقِ من أن تُفضح أسرارُ قلبه بنظرةٍ واحدة. فالحبُّ الحقيقيّ يُضعفنا، ويجعلنا نرتعدُ من فكرةِ أن يُدرك الطرفُ الآخر كم نعشقه، لأنّ في ذلك اعترافًا بأننا سلّمناه مفاتيحَ سعادتنا وألمنا. حتى الدموعُ تُكتم خلف “البسمات”، لأنّ الحبَّ أحيانًا يكونُ صامتًا، والبكاءُ قد يكونُ بلا شهود.
الندم.. عندما يتأخّر الدرس
“بكرة الريّد بدون مواعيد يزورك يا حياة عمري”… تحذيرٌ مُرّ من أنَّ الفراقَ لا يُعلنُ عن موعده مسبقًا، وأنّ الندمَ يأتي متأخرًا، فيهمسُ في أذنِ المحبّ: “ياريتني لو حبيت زمان من بدري”. كم من قلوبٍ تمنّت العودةَ إلى الوراء لتحبَّ أكثر، لتهبَ أكثر، لِتُضحّي أكثر.. لكنّ الأيامَ لا تعودُ إلى الوراء، والسنينَ “تجري” بلا توقّف.
الأيام.. مدرسةٌ لا ترحم
الغصّةُ الحقيقيةُ في الأغنية تكمنُ في تكرار العبارة: “بتتعلّم وتتعلّم، وتتعلم من الأيام مصيرك”. فالحياةُ لا تُعلّمنا الدرسَ في المرة الأولى، بل تتركنا نتعثّر، نقع، ننزف، حتى نُدرك الحقيقةَ بأنفسنا. والناسُ لا تفهمُ معنى “الريّد” ذلك الألمِ الذي يخنقُ الصدرَ عند فقدانِ مَن نحبّ إلّا عندما يمرضون به ذاتَ ليلة.
خاتمة: هل نتعلم قبل فوات الأوان؟
ربما تكونُ هذه الأغنيةُ رسالةً إلى كلّ من يظنّ أنَّ الوقتَ لا يزالُ في صالحه. رسالةً تقول: اغتنمْ اليومَ، فالحبُّ لا يُختزلُ في كلماتٍ نُرسلها، بل في لحظاتٍ نعيشها. لأنّ الغدَ قد يجيءُ بدرسٍ قاسٍ: أنَّ كلَّ ما أضعناهُ بأيدينا.. كان كنزًا يستحقُّ القتالَ من أجله.
فهل نتعلمُ من الأيام قبل أن تُعلّمنا إيّاها الدموع؟ السؤالُ يُجيبُ عنه فقط من عاشوا، أحبّوا.. ثمّ أدركوا متأخّرين أنَّ الحبَّ كان يستحقُّ أن يكون أوّلَ الدرس، لا آخرَ الاختبارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى