الدكتور نادر حسنين مدير الهيئة الاستشارية لجامعة الخرطوم يحذر : على السودان أن يرفض أن يصبح مقبرة لنفايات الطاقة الشمسية؟
الدكتور نادر حسنين مدير الهيئة الاستشارية لجامعة الخرطوم يحذر : على السودان أن يرفض أن يصبح مقبرة لنفايات الطاقة الشمسية؟
الدكتور نادر حسنين مدير الهيئة الاستشارية لجامعة الخرطوم يحذر :
على السودان أن يرفض أن يصبح مقبرة لنفايات الطاقة الشمسية؟
مع انطلاق السودان نحو إعادة الإعمار والتنمية المستدامة، تمثل الطاقة الشمسية خيارًا حيويًا لتوفير طاقة نظيفة في ظل محدودية الكهرباء وضعف البنية التحتية. لكن مع هذا التوجه، تبرز ضرورة استخدام معدات شمسية عالية الجودة وتجنب موجة استيراد معدات منخفضة الكفاءة وعالية السُمية، والتي تهدد بتحويل البلاد إلى مكب نفايات إلكترونية ملوثة تحت مسمى التنمية.
تشير تجارب الدول الإفريقية الأخرى إلى أن التحول السريع للطاقة الشمسية بدون تخطيط للنفايات قد يؤدي إلى كارثة بيئية صامتة. وفقًا لتقرير Forbes Africa، فإن القارة الإفريقية شهدت زيادة هائلة في قدرة الطاقة الشمسية من 331 ميغاواط في 2011 إلى أكثر من 12.6 غيغاواط في 2022، بمعدل نمو بلغ 16 ضعفًا في عقد واحد فقط. لكن هذا التوسع لم يُرافقه نمو موازٍ في أنظمة إدارة النفايات الإلكترونية، وخاصة نفايات المعدات الشمسية.
إن معدات الطاقة الشمسية المنخفضة الجودة غالبًا ما تكون رخيصة الثمن وسريعة التلف، وتتحول بعد سنوات قليلة إلى نفايات خطيرة تشمل الألواح، البطاريات، الإطارات المعدنية، والكوابل. وتكمن الخطورة الحقيقية في البطاريات منخفضة الجودة، التي تحتوي على مواد شديدة السُمية مثل الرصاص والكادميوم، والتي تُصنف كنفايات خطرة يصعب تدويرها أو التخلص منها بأمان.
في ظل غياب سياسات واضحة لإدارة نفايات المعدات الشمسية في السودان، يُخشى أن يصبح البلد – كما حدث في دول مثل نيجيريا وغانا – وجهة لتصريف معدات رديئة من دول غنية أو شركات جشعة تبحث عن الربح السريع، دون أي اعتبار للأثر البيئي على الأمد الطويل. ففي تلك الدول، تُنقل الألواح والبطاريات التالفة إلى مكبات مكشوفة، حيث تُحرق وتُكسّر لاستخلاص بعض المعادن كالفضة والنحاس، بينما تُترك البقايا السامة لتتسرب إلى التربة والمياه، مهددة صحة السكان وبيئتهم.
تُقدر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن نحو 78 مليون طن من الألواح الشمسية ستبلغ نهاية عمرها الافتراضي بحلول عام 2050، وتُعد إفريقيا من أكثر المناطق عرضة لهذا التحدي، لعدم امتلاكها بنى تحتية متخصصة في التدوير الآمن، ولا مطامر مهيأة للتعامل مع هذا النوع من النفايات.
وقد حذر خبراء من أن معدل نمو النفايات الشمسية يفوق بأربعة أضعاف معدل نمو النفايات الصلبة التقليدية، وهو مؤشر خطير على “تسونامي نفايات” قادم، في غياب التخطيط.
لذا، فإن السودان بحاجة عاجلة إلى:
اعتماد معايير صارمة لجودة المعدات الشمسية المستوردة.
منع استيراد المعدات المستعملة أو رديئة الجودة التي غالبًا ما يتم التخلص منها في دول المنشأ.
وضع خطة وطنية لإدارة نفايات الطاقة الشمسية تشمل التشريعات، البنية التحتية، والتدريب.
تحميل الموردين والمستوردين مسؤولية دورة حياة المنتج، من التصنيع وحتى نهاية العمر.
تشجيع الاستثمار في تدوير المخلفات الإلكترونية، كما فعلت شركات ناشئة مثل EWaste Africa في جنوب إفريقيا.
إن مستقبل السودان البيئي والصحي لا يحتمل الوقوع في فخ إعادة تدوير سُمّية تحت شعار “التحول الأخضر”. إن استخدام معدات ذات جودة عالية ليس ترفًا، بل هو الضمان الوحيد لبناء اقتصاد طاقي مستدام، خالٍ من النفايات الخطرة والأضرار غير القابلة للعكس.