د.أيمن محجوب عبد الله محمد يكتب.. الوطنية المشروطة: بين تراب السودان وجنسيات المزاج
د.أيمن محجوب عبد الله محمد يكتب.. الوطنية المشروطة: بين تراب السودان وجنسيات المزاج

د.أيمن محجوب عبد الله محمد يكتب.. الوطنية المشروطة: بين تراب السودان وجنسيات المزاج
في زمنٍ أصبحت فيه الهويات مُعلَّبةً والانتماءات مُزدوجة، يبرز سؤالٌ ناريٌّ يحرق الصمت المُزيَّف: هل يمكن لمن تربّى في شوارع أوروبا، أو من يحمل جنسية مزدوجة، أن يفهم السودان كما يفهمه من “تمرّغ بترابه”؟ وهل من حقّ هؤلاء أن يقودوا السودان كوزراء أو رؤساء وزراء؟
الوطنية ليست شهادة تُورث، بل دمٌ يُراق
الوطنية الحقيقية ليست مجرد كلمات تُردَّد في المؤتمرات، ولا صورًا تُنشر على “السوشيال ميديا” بعلم السودان. الوطنية دمٌ يُسفك، وتضحيات تُقدَّم، وألمٌ يُحسّ به كلّ يوم. فكيف لشخصٍ نشأ في رفاهية الدول الأوروبية، ولم يعانِ من انقطاع الكهرباء، أو عطش المياه، أو قسوة الفقر، أن يفهم معنى أن تكون سودانيًّا؟ كيف لمن يحمل جوازًا أجنبيًّا “كبوليصة تأمين” أن يقف في وجه التحديات التي تُذيق الشعب السوداني مرارة الموت؟
الجنسية المزدوجة: ولاء منقسم أم مصالح مزدوجة؟
لا يُعقل أن يكون لوزيرٍ أو رئيس وزراء “باك أب بلان” خارج السودان! كيف تُسلّم مقاليد البلاد لشخصٍ قد يفرّ إلى بلده الآخر عند أول أزمة؟ الوطنية لا تقبل التجزئة، والانتماء لا يكون بالوكالة. السودان ليس “خيارًا” من بين خيارات، بل هو الهوية الوحيدة التي لا تُمسّ.
حين يُحمل بعض السياسيين “خطة بديلة” سواء بجنسية مزدوجة أو مقر إقامة دائم بالخارج فإن الرسالة واضحة: ولاؤهم مشروطٌ بالراحة، وليس بالتضحية. بينما الشعب السوداني الأصيل، الذي لا يملك سوى تراب هذا الوطن، يقف في الصفوف الأمامية بلا خيارٍ للفرار، لأنه ببساطة ليس لديه مكانٌ آخر يلوذ به.
لماذا يُعتبر هذا خيانة للثقة؟
لأن القائد الحقيقي يُقسم على الموت من أجل تراب وطنه، لا على الهروب عند أول صفارة إنذار! السودان لا يحتاج إلى “سياسيين” يحملون في جيوبهم جوازات هروبٍ مضمونة، بل إلى رجالٍ لا يعرفون طريقاً للعودة إلا بالنصر أو الشهادة.
الولاء لا يُقاس بالكلام، بل بالدم!
القضية هنا ليست مجرد حبرٍ على جواز سفر، بل دمٌ يُبذل دون حساب. فمن كان ولاؤه منقسماً، فليبقَ في مقعده المريح بالخارج، وليترك القيادة لأولئك الذين لا يملكون سوى السودان… وطنًا يُضحّى من أجله، لا يُتخلى عنه عند العاصفة! لأن الوطن ليس خياراً.. إنه مصير!
من يحق له قيادة السودان؟
القيادة يجب أن تكون لمن عاشوا معاناة الشعب، من ذاقوا مرارة الفقر، ومن عاصروا الحرب والحرمان، ومن يموتون يوميًّا دفاعًا عن تراب هذا الوطن. لا يُمكن أن نثق بمن ينظر إلى السودان ـ”كمشروع استثماري” أو سيرة ذاتية يزيّنها قبل العودة إلى راحته الأوروبية.
الخاتمة: السودان للذين يُحبونه بلا حدود
الوطنية ليست ورقة جنسية، بل إحساسٌ يغلي في الدم. السودان يحتاج إلى قادةٍ ليس لهم ملاذٌ آخر غيره، قادةٍ إن سقط السودان، سقطوا معه، وإن انتصر، انتصروا به. فليحمل من يشاء جوازاتٍ متعددة، لكن قيادة السودان يجب أن تبقى في أيدي أبنائه الذين لا وطن لهم سواه.
✍️ لأن السودان ليس رفاهية… بل قدرٌ يُختار!